شعبي الكريم: الديموقراطية لا تصلح لكم إلا في 2013
في السعودية يتندر البعض حول مصطلح لطالما استخدم وهو الخصوصية، ويعني ان للبلاد خصوصيتها، خاصة حين يتعاطى شعبها مع الحقوق والمطالب السياسية.
وفي قطر يتم وعد الشعب بأن يحظى بأول انتخابات تشريعية لمجلس شوراه في النصف الثاني من عام 2013 بعد ثلاث مرات من التأجيل.
هذا التأجيل للاستحقاقات شعبية والمطالب الحقيقية بالمشاركة السياسية يعني الكثير للقطريين ولإخوتهم في الخليج.
فالكثير من الخليجيين يأمل من قطر الحبيبة ان تكون سباقة في مجال المشاركة السياسية كما هي في مجالات اخرى لا ان تؤجل منذ خمسة عشر عاماً هذه الانتخابات التشريعية.
والحديث عن ان التأجيل يأتي بسبب التحديات التنموية والأوضاع العاصفة في المنطقة وإصدار القوانين أمر مردود عليه، وتبريرات غريبة من بلد يقود حملات في بلدان مختلفة، فهل الضغط على اليمن ورئيسه ليتخلى عن الحكم، وغيرها من الحملات الاعلامية على بلدان فقيرة لا تملك ما تملكه قطر يتعارض مع ان يتم الحديث عن ان قطر تنموياً لم تصل الى مرحلة ممارسة وسيلة من وسائل الوصول الى الديموقراطية وهي الإنتخابات لمجلس الشورى.
وهل انشغال الأمير وحكومته ببناء قطر لا يمنح الفرصة لتنظيم انتخابات في بلد صغير وعدد سكان محدود.
هل بناء ناطحة سحاب يعطل الذهاب لصناديق الاقتراع وكأن شعب قطر هو من يعتمر قبعة العامل؟
على العكس من كل هذه المبررات التنموية، كان على قطر، لو صفت النوايا الديموقراطية، أن تؤسس الهيكل السياسي الشوروي الديموقراطي قبل ان تشرع في البناء، حتى يمكن الحد من الفساد والاسراف وهدر المال العام.
قد يأتي احد الخبراء العرب في المؤامرات وشجونها ليقول: ان المبرر التنموي يقصد منه اننا لن نسمح لكم بالمشاركة السياسية ومراقبة أعمالنا ونشاطاتنا في الدولة الا بعد ان ننهي ما نفعله من “هدر” ان لم يكن فساداً مالياً وإدارياً.
الأمر الآخر ما هي علاقة الأوضاع العاصفة في المنطقة بذهاب قطري لصندوق اقتراع ليختار ممثله في مجلس الشورى؟ وهل سيمنعه علي عبد الله صالح من ذلك؟
ام ان احمدي نجاد يأخذ وقت مراقبي الحملات الانتخابية، او ان الامراء السعوديين يجحفلون القبائل لافشال هذه الانتخابات في الوقت الذي كان القذافي يضع الفيتو على تنظيم الانتخابات لذا تم سحله؟
ولعل قاصمة الظهر هي تبرير التأخر في انتخابات مجلس الشورى بإصدار القوانين. هذه لعمري غريبة وعجيبة من عجائبنا في الخليج.
كأن الحاكم عندنا يواجه معضلة قانونية يجتاج الى لجنة من خبراء القانون في جامعة اكسفورد او ييل الاميركية ولا بأس من خبراء جامعة عين شمس او دمياط لمنح الاستشارة طابع عربي.
يقول المثل “قالوا صفوا صفين قال نحن اثنين”، لا تحتاج قطر لفك الغاز المعضلات القانونية حتى يصعب اصدار قانون، بل اتكفل كخليجي منادي بالحقوق والديموقراطية شخصيا بأن انتدب للدوحة خبراء اصدقاء يحلون معضلاتها القانونية، الا إذا كان على خبراء الحكومة القطرية الرجوع للماغنا كارتا اوالهابي كوربيس اوالحوار مع مجلس اللوردات كي لا يصدر قانون انتخابي لا يتسق او يتعارض مع قوانين صدرت عام 1215 و 1679.
كنا نأمل من قطر التي فرشت مظلتها الإعلامية عربياً ودرست شبابنا كيف يثورون ويحصلون على الحريات ان تكون هي النموذج في الخليج وليس بالانضمام لطائفة المرجئة سياسياً والارجاء الى عام 2013 وبعد خمسة عشر عاماً من الاغفال لحقوق شعبها.
قطر التي تصر على خروج علي بعد الله صالح من رئاسته وهو منتخب ولا تريده ان يبقى الى عام 2013 حيث تنتهي ولايته، تصر ايضاً على ألا يمارس شعبها حقوقه إلا في عام 2013.
أمر آخر ما هي صلاحيات مجلس الشورى التي سيتمتع بها ابناء قطر، هل سيصبحون مثل اشقائهم في السعودية لا يراقبون ولا يحاسبون بل يعالجون ما يحال اليهم من الحكومة وكأنهم لجنة خبراء لا ممثلين للشعب.
هل سيختار الشعب القطري عبر ممثليه في مجلس الشورى حكومته؟ وهل سيرفضون ان يبقى رئيس الوزراء ناهيك عن وزير إذا خالف الأمانة الملقاة على عاتقه؟
فقط السعودية وقطر هما المحرومتان في الخليج من انتخابات تشريعية جزئية او كاملة، تعتذر الاولى بخصوصيتها الغرائبية وكأن شعبها نزل من كوكب آخر يحتاج للاندماج مع سكان هذه الأرض، وقطر التي قاد اشاوسها حملة مطاردات في الصحراء وراء القذافي وأبنائه لكي كما يقولوا يمنحوا الشعب الليبي حريته وحقوقه التشريعية، ونسي هؤلاء ان في الدوحة شعباً نبيلاً وفاضلاً واصيلاً يستحق منهم كرم مطاردة حقوقهم واصطيادها ثم تقديمها لهم.
قد يقال: ما لكم وللشأن القطري حتى تدخلوا أعناقكم في فوهة خصوصيته؟
نقول: قطر هي آخر دولة في العالم تتحدث عن عدم التدخل في شؤونها فلم تبق بلد ولا مجتمع الا وادخلت “عصها” في شؤونه عبر قناتها الجزيرة وتحالفاتها مع الإخوان والقوميين، لذا لنا الحق في النصح ما دام أن الجزيرة لا تسلط الضوء على ما يحدث من مطالب وإرجاءات لاستحقاقات مهمة.
عبد العزيز الخميس
